كيف يفكر مليار مسلم؟
أسامة فاروق
"كيف يفكر مليار مسلم؟..من يتحدث باسم الإسلام؟" أحدث العناوين الصادرة مؤخرا ضمن إصدارات سطور الجديدة. الكتاب من تأليف جون إل إسبوزيتو وداليا مجاهد وترجمته د.فاطمة نصر، ويحاول بالطبع الإجابة علي التساؤل الرئيسي الذي تصدر العنوان، خاصة وان أحداث الحادي عشر من سبتمبر ألقت بحجب كثيفة علي عقول كثير من الغربيين عن الإسلام والمسلمين، ومنذ اندلاع تلك الأحداث وحتي الآن تبين العديد من الأبحاث التي أجريت أن غالبية الأمريكيين مازالوا يقولون أنهم تقريبا لا يعلمون شيئا عن آراء الناس في البلدان الإسلامية ومعتقداتهم.
وبحسب الكتاب فانه في الوقت الذي نحاول فيه الإلمام بالأفعال الوحشية في عالم يغدو بتزايد أكثر خطرا، وخارجا عن نطاق السيطرة، تنهمر علينا التحليلات من خبراء الإرهاب والمتخصصين الضالعين فيه حيث يلقون بمسئولية الإرهاب الكوكبي علي الدين الإسلامي. وفي نفس الوقت تبث المجموعات الإرهابية، مثل القاعدة رسائل في أنحاء العالم تجشيطن فيها الغرب بصفته عدوا للإسلام، وتلقي عليه بمسئوليه ما يعانيه العالم الإسلامي.
ووسط خطاب الكراهية والعنف المتنامي اللذين يتجسدان في معاداة أمريكا في العالم الإسلامي، والإسلاموفوبيا في الغرب، تصاعد التمييز ضد الإسلام والمسلمين، أو العداء لهم بدرجة هائلة. وفي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أكد جورج بوش أن أمريكا تشن الحرب علي الإرهاب لا علي المسلمين، بيد أن الهجمات المستمرة للأقلية الإرهابية وتصريحات المبشرين بالكراهية "من المسلمين والمسيحيين معا" وضيوف البرامج الحوارية المعادين للإسلام والمعادين للغرب، والمعلقين السياسيين كل هذا تسبب في إشعال العواطف الجامحة وتشويه الآراء.
وبالتالي تم إدماج الإسلام وغالبيه المسلمين من التيار الرئيسي مع معتقدات الأقلية المتطرفة وأفعالها "مثلا وجد استطلاع رأي أجرته يو إس توداي/جالوب أن أقليات كبيره من الأمريكيين يعترفون بأنهم يكنون بعض التحيز "علي الأقل" ضد المسلمين ويؤيدون زيادة الإجراءات الأمنية علي المسلمين كأسلوب للمساعدة علي منع الإرهاب، ووجد نفس الاستطلاع أن 44٪ من الأمريكيين يقولون إن المسلمين بالغو التطرف في معتقداتهم الدينية، وما يقرب من ربع الأمريكيين يقولون إنهم لا يريدون أن يصبح مسلم جارا لهم، ويعتقد أقل من نصف الأمريكيين أن مسلمي الولايات المتحدة لا يدينون بالولاء للبلد.
وفي ظل هذا الكم من المدركات السلبية والعنف المتنامي من جميع الأطراف تظل هناك حلقه مفقودة بين جميع الأصوات، وهي الآراء الفعلية للمسلمين أنفسهم، ومن هنا كان السؤال الأساسي الذي يطرحه الكتاب:كيف يفكر مليار مسلم ومن يتحدث باسم الإسلام؟. ويحاول الكتاب هنا رصد آراء تلك الجموع التي اسماها بالأغلبية الصامتة.
والكتاب نتاج أبحاث دراسة ضخمة قام بها معهد جالوب واستغرق فيها ثماني سنوات أجري خلالها عشرات الآلاف من ساعات الحوار وجها لوجه مع سكان أكثر من 35 بلدا غالبيتهم من المسلمين، ومن ضمن النتائج الأولية التي توصل إليها البحث أن المسلمون حول العالم لا ينظرون للغرب بصفته وحده كلية متناغمة بل ينقدون البلدان أو يحتفون بها علي أساس سياستها لا علي أساس الثقافة أو الدين، كما أن ما يعجبهم في الغرب هو تكنولوجيته وديمقراطيته في حين يكرهون فيه الانحطاط الأخلاقي وتفسخ القيم.