إسرائيل لم تنفذ ولم تلتزم ولم تحترم في يوم من الأيام قراراً دولياً صدر من الأمم المتحدة يلزمها بشئ، قادة تل أبيب الذين اغتصبوا الأرض العربية ويغتصبونها يرمون بأي قرار دولي في الزبالة و يخرقون في كل لحظة كل اتفاقية ومعاهدة وقعوا عليها، هل فيه احد مختلف عن هذا ؟
نعم الرئيس مبارك يختلف بل يذهب عكس ذلك تماما فيقول أمس الأول بمنتهي الوضوح القاطع في حواره مع الصحفية سيدار بيري تلك التي تجري معه حوارات صحفية منذ 28عاما لجريدة «يديعوت أحرنوت» يقول الرئيس المصري عن القادة الاسرائيليين (وهذا ما أتوقعه دائما من القادة الإسرائيليين، عندما يعطونني وعدا يلتزموا به، هذا ما قلته من قبل لشامير، أذكر أيام طابا وحكم المحكمة، وكلهم قالوا: «إذا حكمت المحكمة سنلتزم بحكمها» وبالفعل حكمت المحكمة ولكن بعد 15 يوما وجدت أنه لا أحد يريد أن يسلم طابا، فقلت الله يا مستر شامير.. أنا أعرف أن اليهود لهم كلمة، وإذا قالوا نعم في حاجة بينفذوها، رد علي وقال، علي طول في ساعتها، أنا ملتزم بهذا وأعطي تعليمات بالتنفيذ).
هذا نص ما قاله الرئيس مبارك وفقا للترجمة التي بثتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية، ها ما رأيكم؟ شفتم الرئيس وسمعتوه وهو يقول هذه الحكمة الرئاسية الهائلة (أنا أعرف إن اليهود لهم كلمة، وإذا قالوا نعم في حاجة بينفذوها) حد يسأل الرئيس: والنبي هل هذه الحكمة تنطبق علي مين وإيه وفين؟ لاحظ أن الرئيس مبارك يقول هنا اليهود ولا يقول الصهاينة أو الإسرائيليين، لا بل اليهود، هكذا، بينما التاريخ يقول عكس هذه الحكمة الرئاسية تماما وينقض هذه الشهادة الإيجايبة التي يقدمها الرئيس مبارك لليهود، لكن دعنا من أي كلام حول جنس اليهود أو دينهم فلسنا عنصريين ولا متعصبين حتي نتطرف ونطعن في دين أو جنس، لنتكلم عن الصهاينة والإسرائيليين يا سيادة الرئيس، هل هؤلاء عند كلمتهم وماهي كلمتهم أصلا؟ وبأمارة إيه؟وكم ألف مرة قال الاسرائيليون «نعم» في حاجة (علي رأيك) ونفذوها، في الانسحاب، في المستوطنات، في النووي، في دفن الأسري المصريين أحياء، وفي قتلهم في مذابح جماعية، في احترام المواثيق والمعاهدات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، في الاعتداء علي بيت المقدس، في تخريب وتدمير وحرق المسجد الأقصي، في احترام الحدود؟!، لا أعرف هل يجامل الرئيس مبارك الإسرائيليين أم يقول بشكل حقيقي رأيه (حكمته) فيهم؟!، إذا كان يجاملهم فأنا لا أصدق بعقلي المحدود كيف نجامل أحداً فنتنازل عن حقوق شعبنا وأمتنا وثقافتنا كي نتطارح المجاملات مع الشعب الإسرائيلي أو قادته، أما لو كان هذا هو رأي الرئيس مبارك في الإسرائيليين فهذا أمر يجعلنا لانصدق السيرة النبوية ولا كتب التاريخ ولا علوم السياسة ولا الواقع الذي نعيشه ونراه، ولا ما نشاهده ونعايشه من مذابح إسرائيلية ومن خيانة إسرائيلية ومن نازية إسرائيلية، لا نصدق كل هذا ونصدق حكمة الرئيس!
لكن المدهش أن الرئيس يقول في الحوار أيضا كلاماً مذهلا أيضا عن إيهود أولمرت، وكنا قد اعتبرنا الأحضان التي تبادلها الرئيس مع أولمرت في لقاءاته وكتف أولمرت فوق ظهر الرئيس، كل هذه الصور اعتبرناها من باب دبلوماسية العاطفة، سألته سيمدار بيري (من المعروف سيادة الرئيس أنه كانت هناك علاقات حميمة بينكم وبين رئيس الوزراء أولمرت .ماذا تقولون لأولمرت وهو يودع منصبه؟..
الرئيس : أشكره علي الفترة اللي قضاها كرئيس وزراء.. وحقيقة كان هناك تعاون كبير بيننا وبينه، وكان دائما عند كلمته وإذا قال كلمة ينفذها، .....فالحقيقة أولمرت كان التعاون بيننا وبينه كبيرا والتقينا ببعض كثيرا جدا، وتعاون معنا في مجالات كثيرة جدا، ولذلك أنا أحييه وأشكره علي المدة اللي قضاها كرئيس حكومة وعلي التعاون الذي تم بيننا وبينه).
مرة أخري كيف كان أولمرت يا سيادة الرئيس عند كلمته؟ أي كلمة بالضبط ..كلمة ضرب لبنان ومجزرة قانا وتدمير البنية الأساسية لبيروت وهدم القري في جنوب لبنان وقتل الأطفال والشيوخ والمدنيين العزل؟، هل كانت كلمته هي حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه (ذلك الذي تشارك فيه مصر)؟، هل كانت كلمته تحويل غزة إلي جحيم لشعبها؟ هل كلمته هي آلاف الأسري الفلسطينيين في سجون تل أبيب؟، هل كلمته هي اعتقال ثلث أعضاء مجلس النواب الفلسطيني؟، هل كلمته هي قتل الفلسطينيين وقصفهم بالصواريخ في بيوتهم؟، هل قتل الجنود المصريين علي الحدود كلمته؟ هل تعاون معكم في إيه يا سيدي كي تشكره علي هذا التعاون؟ قل لنا كيف نفهم فنحن شعبك الذي يري ليل نهار أولمرت سفاحا جزارا قاتلا محتلا غاصبا للأرض العربية، ولكن لديك يا سيدي ما ليس لدينا من معلومات فيبدو أنه ليس سفاحاً وليس جزارا كما أنه ليس قاتلاً، كما أنه بالتأكيد ليس محتلا ولا غاصبا للأرض العربية، فيكفيه شرفا أنه تعاون مع الرئيس مبارك تعاونا كبيرا!
نقلا عن ابراهيم عيسى