" بحث في وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق "
الحلقة الأولا
إن الله شرف أهل السنة والجماعة بالانتساب إلى منهج وطريق اشرف خلق الله على الإطلاق ألا وهو سيد ولد آدم
بلا فخرمحمد صلي الله عليه وسلم ، فاسمهم منسوب إلى سنته وكذلك هى الجماعة التى تجمع القلوب على معتقده
الذي قال له ربه [ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ
يَفْعَلُونَ ] ( 1 ) إن الذين فرقوا دينهم وشتتو كلاً اخذ نصيباً من الدين وأطلاق لمنهجه اسماً فكيف بإيمانهم إن
اتخذوا من الشريعة جزءاً ويجعلوا ديناً ويدعوا مثلهم أو من هو أولى منهم كما هو حال الفرق من أهل البدع
والضلال المفرقين للامه فان تلك الفرق أصبحت شيعاً واحزبا نبأً عن ظهورها النبي صلي الله عليه وسلم
كما روى ذلك أبو داود والترميذى والحاكم وابن حبان وصححوه عن أبو هريرة (2 ) ، وصححه الألباني
فى الصحيحة من حديث معاوية ( 3 ) واللفظ لأبي هريرة انه قال قـال صلي الله عليه وسلم
" افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسعين فرقة والنصارى كذلك ، وتفرق امتى على ثلاثة وسبعين فرقة
كلها فى النار إلا واحدة قالوا من هى يا رسول الله ما أنا عليه اليوم وأصحابي "
لذلك نقول من المشهور المسموع والمقرؤ أن عقيدة أهل السنة والجماعة
هى قال الله قال رسوله صلي الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة وهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم
لذلك قال ابن مسعود " نظر الله فى قلوب العباد فوجد اطهر القلوب قلب محمد صلي الله عليه وسلم فاصطفاه
نبياً ورسولاً ثم نظر فى قلوب العباد فوجد اطهر القلوب بعد قلب رسوله قلوب أصحابه اطهر القلوب فاتخذهم له
وزراء " (4)
وكل ما هو خلاف هذا المنهج فهو من الفرق الضاله ، قال الله تعالى [ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ] (5)
ومن هذا المنطلق سيكون البحث عن وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق التى خلافتها ، وحنى نستطيع أن نبين
عقيدة أهل السنة بين الفرق يجب أن نعلم عدد تلك الفرق أقسامها وكذلك الزيغ والبطلان فى عقائدهم ومن هنا نقول
ربِ يسير ولا تعسر ، ربِ فى الخير تمم .
أولاً : عدد الفرق التى ظهرت وستظهر إلى قيام الساعة ثلاثة وسبعون فرقة وهذا على الإطلاق كما ظهر ذلك فى
حديث أبى هريرة ولكن دار حول هذا الأمر الكثير من الكلام وسنورد بعضها بإيجاز لإفادة الموضوع ، ذكر
الشهرستاني حديث الفرق فى مستهل كتابه الملل والنحل واخذ فى تعداد الفرق وحصرها فى عدد الحديث المذكور
وكأنه ظن انه لا تنشأ فرق بعد ذلك وكأنه أحاط بكل الفرق التى تموج فى أرجاء المعمورة ، وقال الرازي فى اعتقادات
فرق المسلمين والمشركين واخذ يعدد الفرق ولكن ذاد عن العدد المذكور فى الحديث ، وقال ابن الجوزي فى تلبيس
إبليس أن أصول الفرق هى الحروريه ، القدرية ، الجهمية ، المرجئه ، الرافضة ، والجبرية ، ووافقه بعض أهل
العلم وقسموا هذه الأصول الستة من الفرق إلى فرق فرعية ، كل اصل اثنتي عشر فرقة ، أما أقسام الفرق فهي على
قسمان أحزاب دينية والأخرى فرق دينية ، الأحزاب الدينية هى الشيعة والخوارج ، والفرق الدينية هى المشبه ،
المعتزلة و الاشاعرة ، ويري ابن خلدون تقسيم آخر وهو أن الشيعة والخوارج أحزاب دينية والمرجئة هى نزعة ،
الجهمية هى فكرة فردية والمشبة والمعتزلة الاشاعرة تلك فرق دينية .
_________________________________________
1 ) سورة الأنعام أية 159
2) كتاب كشف الكربة لوصف حال أهل الغربة بتحقيق يسري عبد الغني البشر
3) شرح العقيدة الوسطية لابن عثيمين بتحقيق مسعد بن فواز الصميل
4) مسند الإمام احمد
5)سورة الأنعام آية 135