المادة «77» في الدستور هي دليلي علي أن الشعب المصري ترك شباك المطبخ مفتوحًا مما سهل علي الحرامية النط علي الشقة وسرقة البيت عفْشًا وبشرًا؛ عندما يسمح شعب بأن يحكمه رئيسه مدي الحياة يبقي يقابلني، يبقي يقابلني لو مشي الرئيس، ويبقي يقابلني لو تقدم أو تطور أو حتي عاش عيشة الكفاف والعيش الحاف، إن الجلوس الطويل علي كرسي السلطة يصنع من الجالس إلها أو نصف إله، ليست هناك في البشرية أي تجربة مماثلة إلا وانتهت إلي فقر وفساد واستبداد من أول كوبا وحتي ليبيا مرورًا بمصر والجزائر وتونس والسودان واليمن وسوريا وعراق صدام...يا نهار أسود أَكُل البلاد العربية مستبدة وديكتاتورية وعبدة حاكم وعبيد رؤساء إلي درجة أن كل الدساتير العربية جعلت من حق الرئيس أن يبقي مدي الحياة رئيسا؟! صحيح ومنتظرين إيه إن شاء الله!!
مصر صاحبة السبق في استفتاءات99.9% وانتخابات الرئاسة المزورة وبالروح والدم نفديك يا ريس وقلدتها كل الدول العربية من بعدها، فمصر دولة رائدة فعلا لكن رائدة في الاستبداد والتزوير كما هي رائدة في التنوير والثقافة والفن.
تنص المادة 77 علي أن «مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخري».
كانت المادة نفسها في الدستور الذي صدر في عهد الرئيس السادات تنص علي أنه من حق الرئيس أن يرشح نفسه لولاية رئاسية ثانية فقط، وكان السادات يتباهي ويلعلع بصوته الفخيم وأدائه السينمائي بأن مصر الديمقراطية ومصر في عصر العلم والإيمان ومصر الحرية في دستورها الدائم تنص علي أن تكون ولاية الرئيس لفترتين رئاسيتين فقط بلا تجديد لولاية ثالثة، لكن طبعًا مع النفاق الذي سمعه السادات ومع النفخ الذي يعيشه كل رئيس في مصر ومع البقاء في السلطة إحلوت المسألة في عينيه وبدأ يدرك في مطلع عام 1980 أن ولايتين فقط لا تكفيان، وأن مصر ستضيع وتتبهدل وتتدهور وتنهار وح تنام علي الرصيف لو رحل عنها الرئيس السادات وتخلي عن الرئاسة وأن الشعب احتمال ينتحر لو عرف أن الرئيس لن يكون رئيسًا.
هذه نفس المشاعر التي انتابت الرئيس حسني مبارك بعد ولايتين؛ حيث بدأ حكمه بحكمته الخالدة أن «الكفن مالوش جيوب» ثم إن مدتين كفاية قوي «تذكروا الرئيس مبارك أول مواطن استخدم تعبير كفاية !!» لكنه عاد وكمل ومدد واستمر ومن مدة خامسة داخلين علي مدة سادسة، قيل عن السادات يومها «هو مين ده اللي ممكن يبقي زي السادات، خبرة وحكمة وثقل دولي واحترام العالم، يمشي إيه ده حتي تبقي ندالة من الشعب، بلاش قلة حيا» فتقدم منافقو الرئيس بمشروع لمجلس الشعب بتعديل المادة 77 بحيث تسمح لرئيس مصر «السادات يعني» بترشيح نفسه لولاية ثالثة ورابعة وخامسة بلا أجل حتي يأتي أجل الله، وتم يا سيدي تعديل المادة 77 في 30 أبريل عام 1980 ويتم معها فتح سقف الولايات لأي رئيس إلي الأبد، ورغم كل اللغو والرغي والتعديلات التي أحاطت بمواد الدستور ظلت هذه المادة محرمة عن المناقشة في عهد الرئيس مبارك بمدده الخمس وحتي عندما خرجت أصوات لتشير إلي أن تغيير المادة وجعلها مقصورة علي مدتين فقط لن يضير الرئيس مبارك؛ إذ لن يتم تطبيقها بأثر رجعي ومن ثم سوف تعطيه فرصة الحكم حتي 2017حيث يصل عمره إلي تسعين سنة، إلا أن ذلك لم يقنع الرئيس مبارك ولم يلتفت للمادة أي مسئول وكأن مصر مكتوب عليها أن تعيش مع رئيس أبدي يخلف رئيسًا أبديًّا، وأحيانا أقول: والله الشعب المصري يستاهل لكن مصر ما تستاهلش مننا ومنهم كده. منَّا ومنهم لله!!