يحكى ان أن الزعماء العرب ملوكًا ورؤساء اجتمعوا ذات ليلة في بيروت وأطلقوا من عامين مبادرة للسلام مع إسرائيل قالوا عنها إنها مبادرة عربية، ولا واحد من هؤلاء الرؤساء والملوك والحكام سأل شعبه: ما رأيكم في المبادرة؟، الملك عبدالله - ملك السعودية - الذي أطلق المبادرة قبل أن تحمل اسم «العربية» هل رجع قبل إطلاق مبادرته وعرضها علي إخوانه من أصحاب الجلالة وأصحاب الفخامة وأصحاب أمريكا، وسأل الشعب السعودي الشقيق ما رأيه في المبادرة؟؛ وهل الشعب موافق عليها كي يتبناها ملكه؟، قطعًا لم يحدث ذلك إطلاقًا البتة، ثم عندما تبناها ملوك ورؤساء العرب في المؤتمر إياه للقمة إياها هل قالوا لا نقدر علي القبول أو الرفض للمبادرة إلا بعد العودة لشعوبنا ونسألهم رأيهم فإذا وافقوا عليها تبنيناها وإن رفضوها نبذناها؟ إطلاقًا البتة، بل لم يفكروا أصلا في هذه الخطوة، وسارعوا وأعلنوا الموافقة وتبنوا وتشبثوا ومسكوا فيها، لا الرئيس مبارك رجع لشعبه ليسأله أوافق يا شعبي ولا لأ، طبعا ستقول يرجع لمين؟ لمجلس الشعب، ما هو عارف طبعًا أنه مجلس وليس مجلس شعب وأنه يبايعه ويؤيده ومسلم له مفاتيح خزائن مصر يفعل فيها وبها ما بدا له، ولا تسمع كلمة توحد الله في البرلمان عن سياسة مصر الخارجية إلا قصائد المدح والشكر والتغني بحكمة القائد، إلا أنه رغم كل هذا لم يرجع له مبارك ليسأله رأيه وهو عارف أنه موافق ومبايع، الفكرة نفسها لم تخطر بباله، ليه لأنه لا يوجد حاكم عربي ديمقراطي ولا يوجد حاكم عربي قادم عبر صناديق الانتخابات وباختيار شعبه وبأصوات وطنه، كلهم ديكتاتوريون وورثة حكم ملكي أو رئاسي وليس فيهم ملك دستوري يحترم الديمقراطية وليس فيهم رئيس ديمقراطي يحترم الدستور، لهذا هم يتصرفون كما شاءوا وكيفما أرادوا!
تعالي بقي لإسرائيل وتأمل وشوف ماذا ستفعل تل أبيب لو أرادت أن تقول رأيها في المبادرة العربية؟
ستعرضها علي الكنيست، سيتصارعون ويتفاوضون بينهم عليها وحولها، سيصوتون مرة واتنين وتلاتة لو أرادوا الرفض أو الموافقة، أو سيطرحونها في استفتاء شعبي غير مزور ولا مزيف حتي يقول شعبهم الإسرائيلي رأيه في المبادرة العربية، ستتعرض المبادرة للنقد والنقض والأخذ والرد والمناقشة والمناكفة وسيحترم الحاكم هناك رأي المعارضة وسيتودد لها ويسترضيها، وسوف يذهبون قلبًا واحدًا للمبادرة لو وافقوا عليها مشترطين عدة شروط وملتزمين ببعض الالتزامات، وإذا جلسوا للتفاوض مع العرب رفض المفاوض الإسرائيلي أن يتنازل عن حرف مما وافق عليه شعبه أو يتراجع عن كلمة مما أصر عليها أبناء وطنه وسيقول: لا أستطيع، لا أقدر، عندي شعبي سيحاسبني، عندي انتخابات قادمة، عندي معارضة متربصة، عندي دم، لن يتنازل أبدًا مدعومًا بشعبه مستندًا إلي ديمقراطيته، أما الحكام العرب الذين يتفاوضون ساعتها مع الصهاينة فلن يفكروا حتي أن ينظروا لمن يجلس خلفهم من أعضاء وفودهم، فكلنا خدم مولانا الملك وخدام رئيسنا الحكيم، لن يعودوا لمجالس شعب وشوري فلا توجد برلمانات حقيقية، لا شعب يملك رأيًا ولا كلمة بل ستنتظرهم شعوبهم في مظاهرات التأييد والمبايعة ومن يرفض أو يعارض سيقولون عنه يا خائن يا عميل!
هذا هو الفرق بين حكام العرب وحكام إسرائيل أيها الشعب الجميل!!
الدستور