كيف ينتقل الشعب (أي شعب) من العبودية إلي الحرية؟
بأن يثور علي عبوديته أو يعتقه سيده!
وإذا كان الشعب لا يري نفسه عبداً والحاكم لا يري نفسه سيداً، ما العمل؟
يبقي العمل عمل ربنا ونقدر نقول إن الطيبين للطيبات والخبيثين للخبيثات وعلي البركة نقرأ الفاتحة!
لكن نرجع للسؤال: كيف يحدث هذا التحول في مصر؟ كيف نخرج من الحكم الفردي الديكتاتوري إلي ديمقراطية حقيقية قائمة علي:
1 ـ عدم أبدية الحكم.
2 ـ تداول السلطة.
3 ـ حق الترشيح وحرية الانتخاب.
4 ـ انتخابات حقيقية بلا تزوير وتزييف؟
هذه العناصر غائبة تماماً عن معادلة مصر الكيميائية ولهذا فكل الديمقراطيات في العالم معادلة كيمياء بينما الديمقراطية في مصر كيمي كيمي كا.
لكي ننجح إذن في دروس الكيمياء علينا أن نذاكر منهج التاريخ (حضرتك علمي ولا أدبي؟!) ولهذا تعال أحكي لك كيف تنتقل الدول والشعوب من حالة الاستبداد والحكم الشمولي الفرعوني إلي ديمقراطية، التي هي حكم الشعب بالشعب مش بمجلس الشعب! وسأعتمد هنا علي كتاب قيّم للباحث الرائع معتز بالله عبدالفتاح بعنوان (المسلمون والديمقراطية) صدر مؤخراً عن دار الشروق، منه نفهم الآتي (كل السطور التالية من صياغتي وفهمي لما في الكتاب ومعتز بالله عبدالفتاح غير مسئول إلا عن جوهر المثال، أما شكله فمسئوليتي منعاً لأي حرج للرجل، فمش كل يوم بنلاقي باحثًا رائعاً كهذا كي نورطه معنا) .
أ ـ هناك تحول ديمقراطي في أعقاب ثورات اجتماعية ولهذه الثورات صيغتان، إحداهما تاريخية علي طريقة ما حدث في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، ثورة ضد نخب تحكم بالقمع والجباية، فالمجتمع بقيادة طبقة المتعلمين والمثقفين مع فئات الشعب الضائع طقوا مما يجري وانفجروا من الضغط فهبوا في وجه أمراء وملوك، والأخري معاصرة كما حدث في رومانيا شاوشيسكو وفي كوستاريكا وبوليفيا وجورجيا وأوكرانيا حيث غامرت قوي سياسية بكل ما تملك من أجل إصلاحات ديمقراطية.
ب ـ ثم هناك ثانيًا التحول تحت سلطة الاحتلال أو بالتعاون معه مثلما جري في الهند تحت الاحتلال البريطاني، وفي ألمانيا الغربية واليابان تحت الاحتلال الأمريكي.
ج ـ التحول عن طريق موت حاكم مستبد أو هزيمة عسكرية فتأتي للحكم ناس محترمة إذ فجأة وتدير عملية التحول الديمقراطي لأن عندها ضميراً ومعندهاش طحال، مثلما حال النخب التي حكمت في البرازيل من عام 1973وإسبانيا من 1976والمجر.
د ـ الطريقة الرابعة في التحول اللي هيه لعبة وقلبت جد، حيث تعمل فيها السلطة المستبدة الفاسدة شويتين ديمقراطية لزوم التجمل والألبندا، لكن المعارضة تستخدم ثم تستغل هذه اللعبة وتحولها جداً وتقلب الترابيزة وتغير الكنبة وتجدد الأنتريه كما حدث في الاتحاد السوفيتي أيام جورباتشوف، وفي كوريا الجنوبية 1978، وجنوب أفريقيا 1990.
ه ـ نصل للطريقة الخامسة وهي الملل، آه والله فيه تحول ديمقراطي عن طريق الملل، حيث يزهق الرئيس من الحكم ويشعر بالملل من القمع ويقرر أن الموضوع مبقاش جايب همه، شبع وشبعنا، لعب ولعبنا، سلطة وتسلطنا والناس ولاد كلب مبيتمرش فيها، فيقوم منادي مجموعة من المعارضة ويعرب لهم عن زهقه وقراره بالرحيل لكن من غير خوتة دماغ ومحاكمات بقي وصداع، وإلا وحياة أبويا ما أنا ماشي وشوفوا لو راجل واحد فيكم قدر يمشيني، ساعتها يتفقون علي رحيله بلا حساب مثلما جري في اليونان 1973والبرتغال 1974، وفي بيرو والأرجنتين وشيلي حين انسحب بنيوشيه من الحكم.
طبعا أنت تسأل الآن السؤال التقليدي والمنطقي والغلس: أي من هذه الطرق قد تشهدها مصر كي تتحول من الاستبداد إلي الديمقراطية؟
ثم هناك سؤال أغلس وأغتت من كده وهو: متي يحدث هذا التحول؟
نفلا عن ا/ ابراهيم عيسى